الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

المغارة



هل الحياة  طريق أم تجربة أم مغارة أم مفازة؟ هل هي رحلة إلى المجهول؟ أم تجربة تتكدس على مفترقاتها العبر؟قد نجيد قراءة ما يتلى على مسندها وقد لا نجيد فنتبعثر..هل ؟ وهل؟
 ولكل منا وجهة نظر.
حين كان الوقت ينزع الشمس من صدر الأفق, كان أول الفتية على المفترق.. بقلق يقلّب ناظريه..يبحث عن ركن يأويه لهذه الليلة فقط.
ومهما قلّب النظر كان البصر يعود خاسئا إليه فلاشيء على امتداد ناظريه يرتفع عن سطح الأرض ولا أثر لكائن يتحرك بالطول أو بالعرض.. لاشيء سوى الامتداد الأصفر لبقعة مترامية الأطراف يحدها عن اليمين سلسلة جبلية متفاوتة الارتفاع ولا يملك إلا الهرولة إلى تلك المغارة العالقة بوجهها كحسنة في وجه سمراء..
عند ولوجه المغارة وجد نفسه غير مطمئن للوقوف عند ثغرها. فهل عليه من حرج لو تقدم يستكشف خباياها؟
زينت له نفسه الولوج إلى المنعطف الآخر.. فـ تاه.. أخذته خطاه إلى صدر مغارة قلما يخرج منها الدخيل. أخذ يوغل في المغارة تناوشه الأفكار وضجيج المخاوف يدفعه دون وعي حتى وجد نفسه محاطا بالأروقة الصخرية من جميع الجهات والظلام مطبق يفوق كل حد.

2- لم يتبق من الشمس سوى ستائرها الحمراء مهفهقة على الأفق. والفتى الثاني يسير متفانيا في البحث عن ملجأ ليلي يقيه وحشة الليل والفراغ المستوطن المكان والزمان..لاشيء أمامه سوى تلك المغارة ليأوي إليها, لديه ما يكفيه ليقضي ليلهُ على ثغرها وفي جيوبه ما يحتاجه: لديه شمعة وأعواد ثقاب وبساط صغير. لن يتوغل في المغارة ليقينه أنها أكبر مما تبدو عليه ولا حاجة به لمعرفتها.

3- على الجانب الآخر من المغارة يأوي ذلك العابد ليقيم ليله بالذكر والصلاة حتى إذا أشرقت الشمس انفض إلى عمل الدنيا وكدها...
أمسى الثلاثة في المغارة, نام الثاني وطفق الأول يبحث عن مخرج..

كانت جدران المغارة  بنكهة الحديد وبرودته.. وفحيح ماتخفي الشقوق يثير القشعريرة والنفور..وأول الفتية تائه يتحسس طريقه وسط الصخور.. حتى إذا رأى الضوء انطلق نحوه كالسهم فوجد العابد قد انشغل بعبادته يصلي  لايعنيه الليل ولاماخبأت أدغاله.. أوجس في نفسه خيفة.. أخذ يذلل الخطى للخروج من ثغر المغارة.. أحس به العابد ودون خوف قال له: من أنت؟
أجابه التائه الذي أوشك على السقوط من الخوف: سبحان من جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا منيرا؟!!
قال العابد:( ألم ترى كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا).. ثم سكت برهة واستطرد قائلا: لقد أتيتَ من الجانب الآخر ومررت بظلمات يخرج منها الإنسان هاديا مهتديا أو ضالا مضلا, وقد اختبرتُ تلك الأماكن قبلك.
قال الرجل التائه:  ظلمات المغارة تجعلك تفكر بأن الكون دون شموسه وكواكبه وأجرامه المضاءة سيكون مغارة موحشة, سبحان الله.. ثم أنشأ يقول:

سبحان من دان الوجود لذاته

جلت صفاته جل ربي المحسن

رب الخلائق فالق الحب الذي

يعلم بما تخفي النفوس وتعلن

أسألك ربي رحمة تجعل بها

فردوسك الأعلى لروحي موطن

 
 

2 التعليقات:

دكتور محمود عبد الناصر يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت العزيزة أستاذة أمل.. سلام الله عليكم ورحمته وكل بركته لكم وفيكم وعيكم وبكم.. وكل سنة وحضرتك والأسرة كلها بالخير كله.
----------------
هذه زيارتي للمرة الثانية لمدونتكم.. ويعلم الله لولا كثرة ما هو أمامي على المكتب من أعمال لا أول لها ولا آخر لتجولت في المدونة من الألف إلى الياء ولكني أسترق بعض دقائق بين الفينة والأخرى لأتابع إبداعات الأصدقاء.. وها هي الأجازة قد ولت كما الهواء.. ..
اليوم دلفت لمدونتكم بعدما انتهيت للتو من قصة لكم على موقع الأستاذ جبير المليحان (أقصد القصة العربية).. وأحسست بأن هناك شيء تبقى لدي من الموقع وتجدد معي وأنا أقرأ في القصة تلك.. رجعت لمجموعتكم القصصية في الموقع مرة أخرى ومررت مروراً سريعاً عليها.. فتأكد لدي ما حدثتني به نفسي..
---------------
مجموعة قصصكم أستاذة أمل يجب أن ترى النور بطريقة أوسع.. لقد وجدت فيها أشياء لطالما اعجبتني منذ أن دخلتها للمرة الأولى قبل قرابة ثلاثة أعوام.. وأُشهد الله أن بها من الإبداع ما أفتقده في مجموعات ومجموعات..
نصحت عدداً كبيراً من أصدقاء موقع الأستاذ جبير.. وعملوا بنصيحتي.. وصارت مجموعاتهم في كل مكان..
-------------
وعن مجموعتكم الواعدة إن شاء الله لي عدد من الملاحظات.. لو أحببتم إرسالها لكم عبر موقع الأستاذ جبير فلا مانع.. ولكن أخشى عليها من تطفل البعض.
عموماً أختي العزيزة.. فكري في الأمر.. إذا أردت أن أرسلها لك عبر بريدي فإليك إياه.. Anany55555@Yahoo.com
والأمر إليك سيدتي.. وسأكون مستعداً لمعاونتكم في أوي وقت حسبنا يمكنني ربي..
وأعود وأقول إنني لا أرضى لكل إبداعكم هذا أن يظل حبيس المدونات والمواقع الإلكترونية..
يعلم الله انما أنصحكم لما أراه خير لكم.. فلطالما جبلني الله على حب الخير لنفسي وللآخرين..
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت.. وما توفيقنا جميعاً إلا بأمر منه سبحانه.
تمنياتي بالتوفيق
مع أطيب تحياتي
أخوكم د. محمود عبد الناصر نصر

اريج الامل يقول...

د. محمود عبد الناصر نصر أهلا بك ومرحبا..
شرفت للمرة الثانية بزيارتك لمدونتي..
اما عن الفكرة التي طرحتها والتي أراها جديرة بالاهتمام فأنا أولا أشكرك على التفكير الطيب نحو مجموعتي وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك دائما..
بالمناسبةارسلت لك رسالة عبر بريدي الإلكتروني لمعرفة تفاصيل أكثر

شكرا لتواصلك
بالغ تقديري