الخميس، 26 فبراير 2015

ترنيمة مغفرة




حين  توسن زهور السوسن في حضن المساء

و يبلل محياها رضابه..

تجتاز جياد الشوق مضامير الصبر إلى ظلال أشجار اللهفة لتسقي جذورها

برحيق زهور الأمل وندى بتلاتها..

هناك

أشد لجام صمت مواجع الانتظار

حتى يسفر صبح وجدك على روض توليب الحنين.. أريجه يملأ آفاق روحي بطيب المغفرة

.. فهلا غفرت..

هلا غفرت وحررتني من شرانق النسيان وأهديتني جناح رضاك لا حلق به ثانية على مروج ربيع عمرنا..

وهلا اقتربت واستمعت

لبعض نبض ترتله نايات الشوق المضمخ بمسك دمع الذاكرة:

يا حنيني.. مسني التوق..

رفع راسه وقال  بصوته الموشى بسكينة الوقار:

لا زمني الشغف طويلا..

أناخ بعير عزتي على بابك المغلق دهورا..

فما كان منك إلا أن أسلمته لبيدا الظمأ تلهب جوارحه مرارة وتصدعا..

ذاك زمنا أضرم في حقول مودتي اليباس ليتفشى بعده الصد محرقا كل تلافيف الذاكرة ..

ومن يحترق أما أن يموت وأما أن يبعث كما الفينيق من جديد وها قد بعثت إنسانا غير الذي عهدتيه.. فلا تحزني لموتي السابق فقد خلف لي أكسير النسيان.

انحنت أمام كلماته أشرعة روحي

ففي ريحها بقايا جرح لم يندمل

وإن طببته زرعت في خلده درة الانتماء

قلت بخفر معطر بعنبر الوله: ما زلت تحيا بين النبض والشريان

ما برحتَ مركز لهفتي ولاغادرتَ عمق سريرتي

ولا طمس موج نفورك ماخطته أنامل ولهي على شطآن الروح ..

كنت معي حتى  عندما ركبت موج جنوني

وخامرتني صرعات الدلال في التعززلاستمطار كثير شوقك,,

كنت معي. تتفتت أوصالي كلما رايتك تنحني لتساير جنون معصيتي..

ألا تعلم أن الأنثى لا تكتفي بالامتلاك..

وانها تتوق للإبحار بين النفس وحديثها و بين النبض وصداه فإن لم يكن الشغف يشهق فوق النجوم ويضيء اكثر من الشموس فهي لا ترضاه..

هو الجنون تفننه الأنثى ليتملكها أكثر..

ابتسم بالمغفرة ثغره وقلبه وقال: من لم يعش الجنون مع أنثاه, لم يعش الحياة.

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

وجد نفسه




 


وجد نفسه
وجد نفسه ملقى على ظهره في حوض مليء بالوحل. رفع راسه ثم جلس.. أدار وجهه في المكان والدهشة والهلع تصرخان من عينيه.
ماهذا الحمام الرديء الذي هو فيه؟
تلفت, أمعن النظر في زوايا المكان.. ياله من حمام داكن الرؤية واللون.. سحبت الرطوبة طلاءه وشققت جدرانه, حتى المرآة التي تقبع على هامة الحوض المتهالك هناك, قرب الباب المغلق, لفحتها الرطوبة بطائف من ضباب..
تسرب الوحل إلى عينيه, مسح وجهه بيديه, امتلأت كفاه بلحم وجهه المعجون بالوحل, صرخ من الخوف.
حاول النهوض.. كان الوحل يشده إلى أسفل الحوض, قاومه, ثبت يديه على ضفتي الحوض.. تزحلق مرارا لكنه, في الأخير, نهض.
كان عاريا والوحل يتساقط من جسده.. ذهب الى المرآة.. نظر فيها.. رأى وجها بلا ملامح, تراجع قليل. ربما كانت رؤيته غير واضحة.. أدار صنبور المياه الماثل تحت المرآة, رأى ماء عذبا يتدفق, وضع رأسه مباشرة تحت الماء لكنه لم يشعر بشيء.. كان الماء صوتا وصورة فقط .. ماء لا يُحس ولا يطهر من رجس. رفع عينيه ثانية إلى المرآة, فركها بيديه فأزداد ضبابها.. ضربها بقبضته وكانت له قبضة كمخلب أسد كما كان يقال له. بيد ان قبضته
ذوت في الاشيء. وجد نفسه ثانية في الحوض السابق مغطى بالوحل على شفير الاختناق. رفع رأسه بسرعة.. جلس في الحوض.. أدار وجهه.. تأمل المكان..
تسرب الوحل إلى عينيه.. مسح وجهه بيديه.. امتلأت كفاه بلحم وجهه.. صرخ, هرول نحو الباب.. حاول فتحه ولم يقدر.. عاد إلى المرآة بحث عن ملامحه فلم يجدها.. أدار صنبور المياه, سمع الماء ورآه لكنه لم يحسه.. ضرب الصنبور بقبضته.. فتح عينيه.. وجد نفسه في نفس الحوض مغطى بالوحل.. مع كل اعتراض تتكرر المأساة مرات ومرات قبل أن يستسلم ويترك نفسه  لقضاه..
ترك رأسه في الوحل.. شعر به ثقيلا على رأسه.. أحس بتسرب الوحل إلى أذنيه وأنفه. .وأحس بأطرافه تتراخى وجسده يبرد ويتخشب.. ماذا يفعل؟ لا أذن تسمعه ولا عين تراه.. فتح عينيه.. رأى على وجه الجدار المواجه له, من الأعلى, رأى قبرا وبجانب القبر رأى أمه تبكي وتقول: رحم الله ولدي كان غارقا في ملذاته.
هزته نوبة ذعر وخوف فأفاق.. وجد نفسه على سريره في غرفته الملأى بأصناف لا تحصى من أسباب غواية الروح والبدن.. ترك فيها ثقابا مشتعلا.. وركض يسابق الريح إلى مواضيء المسجد. 


الاثنين، 9 فبراير 2015

قبل الانقضاض



  
حلقت الصقور حول مأدبة تستوي على النار
 صفقت بجناحيها حبورا للغنيمة
ستأكل النار ما تأكله عادة..
و ستولم الجوارح الحصاد.

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

أقدار الرحيل



 
أقدار الرحيل
موج على كف المدى يمتد
أفق إلى المجهول يترامى
تلك الخطى
فوق اللظى
ناءت بأقدار الرحيل
شقت عباب المستحيل
سفَّت رماد الملِّ
قدت قميص الذل
وسرت بقطع الليل تبحث
عن دليل..