الخميس، 26 أكتوبر 2017

أشياء من المحيط





أربع قطرات من المحيط, من تذوقها ووجدها شديدة الملوحة وغير طيبة المذاق؛ فلينفها إلى المحيط حيث كل نفاياتنا.

1-   يأخذ البعض على نفسه حين  يبدأ في الحبو على بلاط القلم ألا يدوس زناده على واقع بقوة, وألا يصعد إلى العمق مهما استدعت  الحاجة وألح عليه الواجب.. وأجزم أن الكثير أفلح في الركون إلى الظل في ظل واقع ضاعت فيه الكثير من القيم, وامتزج فيه الحابل بالنابل,  وباتت الفتنة قرينة كل شيء... أعلمُ تمام العلم, أن من يحمل قلما يحمل مشعلا بين يديه وعليه أن ينير ما ادلهم من أمور الخليقة.. ولكن تلك الرسالة هي مسؤولية الكبار والكبار فقط.

2-    ماذا اُحدِثُ عن صنعاء يا ابتي... مليحةٌ عاشقاها السل والجرب.       
كان هذا ردها حين باغتُّها بسؤال عن صنعاء حال عودتها من هناك. فأجبتها ببيت آخر من (قصيدة البردوني ابو تمام وعروبة اليوم)....
ماتت بصندوق وضاح بلا ثمن.. ولم يَمُتْ في حشاها العشق والطرب
أطالت النظر في عيني وكأنها تبحث عن الكلمات المناسبة.. وقالت بعد تنهيدة :
-         بل ماتت ومات العشق, وإلا ما تهاووا عليها بكل ما أوتوا من العقوق.. ماذا يفعلون الآن سوى تدميرها؟..
 وصمتت وكانت عيناي ماتزال معلقتان بشفاهها؛ علها تضيف شيئا لا يكون كئيبا مثل نبرتها... بعد لأيٍ قالت: هي بحاجة إلى معجزة... صنعاء بحاجة إلى معجزة.
  وهؤلاء....
 من يدّعون القوة والكرامة.. أين كانوا و عمر الانسان اليمني  يُطحن وتُطحن كرامته على  صخور المرافئ؟.. أي كرامة لهم ونصف شعبهم يسفُّ تراب الغربة والنصف الآخر يمزقه الجوع والحروب؟.. ألم يكن حريٌ بهم بناء دولتهم والالتفات إلى بناء هويتهم؟...                 
بادرتُها بسؤال به رجاء كبير: وكيف بقية المناطق هناك؟.. أليست أفضل؟  ابتسمت وألم يمزق ملامحها:
-         الحرب لها أشكال لا تحصى يا عزيزتي.

3-   لِمَ يكتظ الكائن البشري بكل هذا الوعي والإدراك وهو راحل عن الدنيا لا محالة؟.. ولِمَ تملؤه المشاعر والأحاسيس وهي إلى زوال؟.. هل يمتلئ بكل هذا ليدرك ما يعانيه غيره فيرحَمْ أم ليعي ويرقى بما اتاه الخالق, ويتعلم ما فيه الصلاح له ولغيره.
لاشك أن الوعي  يخلق فينا الطموح والأحلام والرغبة في امتلاك النعم؛   و عليه تترتب أحاسيسنا من أمل ورجاء وفرح وخوف و قلق وحزن وغضب... ولكن هذه الأحاسيس تأتي ايضا من احتكاكنا بالعالم الخارجي؛ فتملؤنا بالحزن او بالفرح:
1-     الحزن لدمعة طفل خائف بقرب انقاض منزله في واحدة من دولنا التي تطحنها الحروب.
2-     أو الفرح لـ .... لماذا؟.. هل في واقعنا ما يستدعي الفرح...
ربما لولادة طفل جديد.. أمل جديد.
سؤال أخير: هل ما زلنا على نفس درجة الوعي والادراك الذي حبانا به الله.. ان كان كذلك فلمَ هذا التفكك الذي يقضي على الامة ومن اجل من؟
ولِمَ تتفكك الأمة من أجل مصالح ضيقة, أو نجاحات وقتية.. هلا نظرتم إلى المستقبل.

4-   القنوات الثقافية العربية لا تبذل واسع حيلتها في الاهتمام بالثقافة العربية على مر العصور.. أنها تمارس وضيفتها على وجل, وكأن ما تقدمه ليس ضروريا؛ وعليه  فالمقابلات الشخصية او الأخبار من هنا وهناك  كافية بالنسبة لها!..
التقليد يجعلهم نسخ مكررة فلا أحد يعدُ برنامجا تعليميا للعروض مثلا أو للبلاغة او النحو.. لا أحد يقوم بنقل محاضرات اكاديمية عن الأدب  أو يتناول قصة كاتب ومؤلفاته ثم يأتي بناقد ليبين لنا فيما أحسن الكاتب وفيما أساء وبشكل مكثف..
لا جديد ومفيد في الوقت ذاته.. لا شيء.... إلا إذا اعتبرنا   بث الثقافية السعودية لأغاني السيدة أم كلثوم شيئا يستحق الذكر!.. لا أعرف ما الذي ستضيفه أم كلثوم إلى الثقافية السعودية, فهي على كل شاشة, وفي كل مذياع, ولن تتجه الأمة إلى جديد إذا سمعتها من منبر الثقافية السعودية.. ولكن .. وللأمانة هذه جرأة من الثقافية السعودية.. جرأة منها أحدثت شرخا في جدار مألوفها.