الأحد، 19 أكتوبر 2014

بين مطارين









أنا زورق الحلم الغارق في فوضى الاحتمالات.. كثيرة هي أمنياتي التي تحلق خارج سديم الواقع..كتلتي تشد الرحال إلى بقعة ما وقلبي يشد رحاله إلى سماء مرصعة بلا زوردي الأمل..
للحظات فقط أهرب إلى روضة حلم.. أهرب من عويل الرحيل ماشاء لي الحلم ثم أعود بعدها إلى محطاتي التي لا تنتهي..
ولأنني النورس المحلق قدرا.. تعبت قدماي من ارتداء الرحيل فقررتا الإنطواء تحت جسدي كلما ضمنا مقعد السفر.
ذات سفر
اُعلن عن قيام رحلتي..وضعت مجلتي في حقيبة يدي وأنزلت قدميّ أتحسس حذائي فلم أجده..
نظرت بين الكراسي وأسفلها,مشطت بنظرات سريعة المكان  وبين السيقان المتدافعة  إلى البوابة.. في الزوايا وفي كل الاتجاهات حتى شاشات جداول الرحلات من يأسٍ نظرت إليها..
رغما عني امتطيت قدميّ وهرولت نحو الطائرة..
أخشى ما أخشاه أن أجد الصبيين المشاغبين اللذينِ  سألا المرأة العجوز عن سبب كرمشة وجهها ويديها.. البعض لا يزرع في نشئه احترام الكبير فتكون النتيجة التعدي على وقار من هو أكبر من والديهم.
المهم.. يا إلهي لو رأياني ما سلمت من جنونهما. سأصعد الطائرة وأتوارى في مقعدي حتى نصل..
عند باب الطائرة قالت لي المضيفة: أين حذائك سندريلا!!
أجبنتها بنصف ابتسامة: سيحضره فارس الأحلام..
سندريلا!!.... لم لا؟  تمسكت بالفكرة..
فتح لي هذا الاسم  أبواب الأمل على مصراعيها..
فتح عالم من الخيال اصطحبني بين خمائله..
طفتُ معه وأفرغت على مروجه دثينة أحلامي..
تخيلته يأتي يضع الحذاء في قدميّ
والخاتم في إصبعي؛ لأضيع بعدها في تفاصيل الحكاية..
تهت في رياض الأسطورة حتى أُعلن عن وصول الرحلة..
تنفست الصعداء حينها ولسان وجدي يقول: الا  ليته يصدّق الرؤيا.
بقدميّ الحافيتين وقفت على ارض المطار الآخر, أنتظر حقيبتي.
عندما أمسكتْ بزندي المرأة العجوز ودفعت أليّ بكيس صغير وقالت: هاك حذائك..
قلت لها:
*    كيف وجدتيه؟
قالت: رميت به الصغيرين..
وحين ذهبت لجلبهما أعلن عن قيام الرحلة فأضعتك..
يا الهي!.. طوفان خيبة اجتاحني, كنت أعرف أن حظي ليس جيدا, لكن أن يكون بهذا السوء!!..
قلت ومرارة الخيبة تقطر من فمي..

*     شكرا يا خالة
ربما شعرتْ بصهد الخيبة في كلماتي فقالت بحزن أثار طبيعتي الهشة: آسفة يا بنيتي..
أوجع قلبي اعتذارها فوضعت يدي على كتفها واعتذرت  بدوري.. سألتها عن حاجة تريد قضائها
فأشارت إلى الشاب القادم إلينا وقالت:
*    شكرا.. ولدي يتكفل بكل شيء.
اقترب منا وألقى التحية..
استُنفرت أحاسيسي حين وقعت عيناي على وجهه.. أمسكت زندها وقلت وأنا أراقب
أصابعه المشرقة : سأبقى معك ياخالة.

 

0 التعليقات: