الخميس، 24 مايو 2012

ثلاثي الضحى ج4

: :

ارتفعت زغاريد أمي ذات مساء..  وفيض من الامنيات بزواج سعيد تغدقها بسخاء لنفسها و للعائلة ..   هذا  الفرح الغامر كان لموافقة خالي تزويج ابنته لأخي الاكبر.. فهل ستكتفي امي بهذا.. كانت تتمنى لم شمل العائلة من زمن بعيد وتتحدث بخصوص  وصية   .فهل ستهبها الأيام ما تطمح اليه..  أحست أمي بما يدور في رأسي وقالت:

_  أنا أحاول اصلاح ما أ فسدتيه.

_  أمي .. ما دخلي أنا    

_ ليس لأخي غير ولديه ..إذا استقرا هنا فلابد ان يتبعهما ....

   فهمت تودين استقطابه وأولاده .. هل هناك شيء آخر بخصوص الوصية التي تتحدثين عنها ؟

  _   لقد وعدت ابي على فراش موته ان لأبيع منزله وان احاول اعادة اخي والاده الى منزل العائلة كي يبقى المنزل   مفتوحا .. كان الأمر صعبا  بوجود ام الاولاد اما وقد توفاها الله فلامجال من تنفيذ الوعد الذي قطعته لأبي...

 _   جاء ولد أخيك  قبل أكثر من عامين وقلت انه جاء لأجلك .. هل هذا صحيح؟

_  لا ..لم يأتي لأجلي لقد جاء لبيع منزل العائلة  .. كان يحتاج الى النقود  ..     لإنشاء عمله الخاص به .. جاء عازما على البيع لكنه ما إن رآك حتى تبدلت قناعاته .

_   لما قلت ما قلته؟؟؟

_    لكي لا يسمع أخويك بالموضوع .. تعلمين انهما يودان الحصول على نصيبي ليبدا به مشروعهما الخاص .

 _     هل مازال خالي يفكر في البيع

         _     طلبت منه شراءه ,  و طلب مهلة للتفكير .. و اظن ولده لا يرغب بالبيع 

_  لماذا .. هل يفكر بالعودة؟

_   لا أظن خطيبته ترضى .... 

_ كأنها تذكرت شيئا_ ألم أقل لك انه خطب إحدى قريبات أمه  رحمها الله .    . 

زُلزِل كياني لسماع خبر خطوبته .. انسحبت من أمام أمي بصعوبة ولا أعرف كيف وصلت إلى ركني في غرفتي حيث انسابت أدمعي بحرقة موجعة طوال ليل أمعن في تباطئه ووحشته.

......................

لقرب قدوم عروس أخي.. كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق, تغير أثاث المنزل كله ماعدا غرف نومنا أنا وأخوتي.. ستسكن العروس هنا كان شرطها أن تعيش معنا لأنها تعشق الأسرة, فقد عاشت بعد موت أمها شبه وحيدة لانشغال والدها في عمله وأخوها في دراسته ومن ثم  عمله...



كلما حاولت تضميد قلبي, جن جنونه, وأوغل في تمرده, بت أخشى سماع أخباره لما يعتريني من حزن وانكسار لذا لزمت بوتقتي مسدلة ستار لا مبالاة زائفة بيني وبين عائلتي.

نجحت أمي في جعل المنزل يليق باستقبال عروس.. وبقي عليها إحضار أكوام من الملابس لي ولأختي الصغرى وللعريس وأخي الآخر.. فهي أمي.. لا تكتفي بالقليل .. آخر ما أحضرته بعض المجوهرات للعروس وقالت لي وأنا أنظر إلى مجوهرات العروس _  سيحضر أخي وأولاده يوم الأحد .. سألتها : من أولاده فليس لديه غير بنت وولد.. أجابت نعم سيأتي مع ولده وأبنته....

تلك الليلة جادت السماء ببعض ريهامها  ..  أحسست أن قلبي بدأ يغتسل مع قطرات المطر القليلة التي سقطت.

شكرت الله بركعتين أفرغت فيهما ما أعتمر بداخلي لعامين.. فأنا سأراه بعد غد ولا يهم إن كان سيصبح لامرأة أخرى.

تركت السماء بعض رضابها على الأرض ليأخذ رائحتها  النسيم ويبعثره على النوافذ المفتوحة, وأنا وحدي من كنت أراقب رقصة النسيم وأبتهل بالدعاء.

ذهب أبي وأخي لاستقبال خالي وأولاده.. لبست أجمل ما رأيته في المجموعة التي أحضرتها لي أمي لهذه المناسبة.. نثرتُ شعري الأسود ووضعت بعض المساحيق ولم أترك المرآة حتى رضيت عن نفسي .. كنت قُرب الباب عند دخول خالي الذي عانقته بقدر زمن الوجد الذي اصطليت فيه, دخلت العروس عانقتها.. رحبت بها.. ثم دخل أبي وأخي وأقفلا باب المنزل ..اين هو.. لم يأتي؟

ضج قلبي كطفل صغير وأسرع بضخ تيار ساخن في وجهي وعيناي.. أسرعت بارتقاء السلم.. لتواريني غرفتي.. رمسي الذي أدفن فيه شجني وإحباطاتي.

ما زلت في احتراقي عندما دخلت أمي تعاتبني وتقرعني عما فعلته في حق الضيوف وتسألني: كيف أعود إلى غرفتي بهذه السرعة وهناك شابة في مثل عمري عليَّ الترحيب بها ومسامرتها في مكان خاص ريثما ينتهي الرجال من الحديث حول خطة تنفيذ الزواج.

ثم إني .................. ماذا .. لم أسمع جيدا............. ماذا قلتِ؟ هل اتى؟

أعادت أمي ما قالته: نعم  ..  لقد استوقفه بعض الأصدقاء الذين تعرف عليهم في المرة السابقة .. تحلقوا  حوله قرب المنزل, وقد سأل عنك فور وصوله.

ألقيت نظرة سريعة على وجهي وانطلقت إلى الأسفل.. قلبي المغلوب على أمره خرج يرفرف قبلي..  كنت ببداية السلم  الذي يتوسط البهو ..عندما  لمحته يجلس بقرب أبي, لا أعرف هل غادرتني روحي أم أني تعثرت فهويت على السلم ليرتطم جسدي بأول درجاته إلى منتصف السلم ..   تلقاني بيديه ..  أسندني الى أمي التي كانت تقف خلفي ..  غضب ابي من هذا الموقف.. لكنه تمالك نفسه ..  وقال: عجبا كيف استطعت أن تقطع هذه المسافة في هذه الثواني القليلة, لقد كنت تجلس بقربي.. كان باستطاعتي الوصول إليها.. قاطعه خالي وهو يبتسم:  لقد طار.. طار في جزء من الثانية .. ماكنت أظن أني سأرى ولدي يطير.. ثم أردف بلهجة فيها شيء غير بيّن: ترى ما الذي يجعل الأنسان يحلق يا صهري العزيز؟

كان طيرانه حديث الجميع ..  تحليق يفوق قدرة أي  انسان.. و.. و ولم يتكلم أحد عن سبب سقوطي.. لا يعرفون ان رؤيته سلبت نبضي..  كشفت ضعفي.. فهويت .. قالت لي أمي لا أظنك ترفضين هذه المرة ...

_ والاخرى..

_  لا توجد اخرى.. كنت اسويك ..

_ كنت اعرف انك جذر هذه العائلة وفرعها .. انت السر كله.

_ وأنا من أحضره لك ..  وعدته ..  فلا تخذليني

_هل كنت على اتصال به؟

_  هل كنت سأسمح بمرور هذه الفرصة  التي صاغها الله .. ماكنت لأضع افضل منها للم شمل هذه العائلة.

أومأت برأسي وابتسمت .

     أنشغل ابي بحديث طويل على الهاتف..  بعد أن أكمل مكالماته, ألتفت إلى خالي وقال: أعذرني.. لقد انشغلت عنك ببعض المكالمات الهامة بخصوص الفرح, وقد استدعيت مأذوناً شرعياً الآن ليتم عقد قران هؤلاء الأربعة.. اعرف اننا تناقشنا في هذا الموضوع من قبل واتفقنا تقريبا لكن بعد ما رأيته.. فلا يمكن  -- لرجل يطير من اجل ابنتي - أن ينام تحت سقف بيتي بدون عقد قران
بقلم امل عبدربه
تمت

2 التعليقات:

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا امل
:)
تلك ابتسامة هل تكفي كهدية بدلا عن التعليق
شعرت بها ويقلبها ونبضها وتلك السعادة
الحب لايموت ولو تعثر بالغياب "
؛؛
؛
امل ادمنتكِ ورب محمد
كوني بخير وسعيدة لأكون
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas

اريج الامل يقول...

الله عليك ايتها الرائعة
تدهشني رؤيتك وقرآتك
(الحب لايموت ولو تعثر بالغياب)وان تعثر

يجب ان يكون احد القطبين حاضراوجاهزا
صباح الياسمين ريماس ..

لروحك النادرةعبق يغرق المدى بأريجه العاطر

باقة الماس لرايق الأحساس

أمل