الخميس، 9 يوليو 2015

مما يروى






يحكى أنه في زمن ما ولا داعي لذكر الأسماء هلّ شهر الصوم في أرض سكنتها الهموم بسبب طول الحرب واشتداد الكرب, فقد نفخ الدمار ناره, وأوغر استعاره ضعاف

النفوس, بعثروا الأشلاء, وأفشوا البلاء, فقتل من قتل, وأسر من أسر, ومن بقي تخفى دون ماء ولا كلأ.
وكان في أحد البيوت المهجورة ثلة من الشباب: أربعة لهم هيئة, وآخر يختلف, وكان يرتدي الدين لمطالب الدنيا, أما هم فكانوا ممن يرتديهم الدين لله فهو جوهرهم الأكيد ونهجهم السديد.
وكان الجوع قد أخذ منهم كل مأخذ.  وكان خامسهم المختلف يشير عليهم بالخروج من المنزل للبحث عن مشرب ومأكل, ولكن جنون الحرب وأصوات  الضرب تثنيهم كلما ركنوا إلى الخروج. فأمسوا طاوين, وأصبحوا ممسكين, حتى إذا أنقضى النهار وجاء وقت الإفطار لم يجدوا ما يفطروا به, وأمسوا ثانية طاوين, ولم يكن أمامهم وسيلة ولا حيلة سوى الدعاء لله بالفرج والنجاة حتى غلبهم النوم .
فناموا كما نام أهل الكهف, وبقي المختلف يضرب كفا بكف
ولم يجد بدا من الخروج للبحث عن القوت.
وكان لأحدهم أخت, فرآها في المنام تحمل إبريقا من الماء فقال: أسقين.
فقالت: لبيك أخي.
وسقته حتى أرتوى وسقت رفاقه عدا المختلف فقد رآه نائما وأراد النهوض ليوقظه فاستيقظ من النوم وعلم بغيابه, فأسف لحرمانه. وأقبل على صحبه يخبرهم بما رأى وأنه شرب حتى ارتوى وأنه مازال مرتويا حتى اللحظة, فأقسم  أصحابه أنهم شربوا شرابه وأن طعم الماء وبرده اللذيذ مازال في أفواههم.
فقال أحدهم: سبحان الله العاطي دون جهد فله الحمد حمدا لا يعد.....
ودعا آخر فقال: اللهم كما أطفأت ظمأ أكبادنا فاطفئ نار الحروب واصلح الأوطان وأصلح القلوب يا ودود يا موجود يا ذا الكرم والجود.



0 التعليقات: